نزار قباني

قصيدة الحزن


رقم القصيدة : 199 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد




علمني حبك ..أن أحزن

و أنا محتاج منذ عصور

لامرأة تجعلني أحزن

لامرأة أبكي بين ذراعيها

مثل العصفور..

لامرأة.. تجمع أجزائي

كشظايا البللور المكسور

***

علمني حبك.. سيدتي

أسوأ عادات

علمني أفتح فنجاني

في الليلة ألاف المرات..

و أجرب طب العطارين..

و أطرق باب العرافات..

علمني ..أخرج من بيتي..

لأمشط أرصفة الطرقات

و أطارد وجهك..

في الأمطار ، و في أضواء السيارات..

و أطارد طيفك..

حتى .. حتى ..

في أوراق الإعلانات ..

علمني حبك..

كيف أهيم على وجهي..ساعات

بحثا عن شعر غجري

تحسده كل الغجريات

بحثا عن وجه ٍ..عن صوتٍ..

هو كل الأوجه و الأصواتْ

***

أدخلني حبكِ.. سيدتي

مدن الأحزانْ..

و أنا من قبلكِ لم أدخلْ

مدنَ الأحزان..

لم أعرف أبداً..

أن الدمع هو الإنسان

أن الإنسان بلا حزنٍ

ذكرى إنسانْ..

***

علمني حبكِ..

أن أتصرف كالصبيانْ

أن أرسم وجهك ..

بالطبشور على الحيطانْ..

و على أشرعة الصيادينَ

على الأجراس..

على الصلبانْ

علمني حبكِ..

كيف الحبُّ يغير خارطة الأزمانْ..

علمني أني حين أحبُّ..

تكف الأرض عن الدورانْ

علمني حبك أشياءً..

ما كانت أبداً في الحسبانْ

فقرأت أقاصيصَ الأطفالِ..

دخلت قصور ملوك الجانْ

و حلمت بأن تتزوجني

بنتُ السلطان..

تلك العيناها .. أصفى من ماء الخلجانْ

تلك الشفتاها.. أشهى من زهر الرمانْ

و حلمت بأني أخطفها

مثل الفرسانْ..

و حلمت بأني أهديها

أطواق اللؤلؤ و المرجانْ..

علمني حبك يا سيدتي, ما الهذيانْ

علمني كيف يمر العمر..

و لا تأتي بنت السلطانْ..

***

علمني حبكِ..

كيف أحبك في كل الأشياءْ

في الشجر العاري..

في الأوراق اليابسة الصفراءْ

في الجو الماطر.. في الأنواءْ..

في أصغر مقهى..

نشرب فيهِ، مساءً، قهوتنا السوداءْ..

علمني حبك أن آوي..

لفنادقَ ليس لها أسماءْ

و كنائس ليس لها أسماءْ

و مقاهٍ ليس لها أسماءْ

علمني حبكِ..

كيف الليلُ يضخم أحزان الغرباءْ..

علمني..كيف أرى بيروتْ

إمرأة..طاغية الإغراءْ..

إمراةً..تلبس كل كل مساءْ

أجمل ما تملك من أزياءْ

و ترش العطر.. على نهديها

للبحارةِ..و الأمراء..

علمني حبك ..

أن أبكي من غير بكاءْ

علمني كيف ينام الحزن

كغلام مقطوع القدمينْ..

في طرق (الروشة) و (الحمراء)..

***

علمني حبك أن أحزنْ..

و أنا محتاج منذ عصور

لامرأة.. تجعلني أحزن

لامرأة.. أبكي بين ذراعيها..

مثل العصفور..

لامرأة تجمع أجزائي..

كشظايا البللور المكسور..


غرفَة


رقم القصيدة : 68831 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد




يا غُرْفَةً .. جميعُ ما

فيها نَسِيقٌ .. حالمُ

تروي الهوى جدرانُها

والنورُ .. والنسائمُ

أشياؤكِ الأُنثى بها

نَثِيرَةٌ .. تَزَاحمُ

فَدَوْرَقُ العبير يبكي

والوشاحُ واجمُ

وعِقْدُكِ التَرِيكُ

أشجاهُ الحنينُ الدائمُ

وذلكَ السوارُ يبكي

حُبَّنَا .. والخاتمُ

في الركن منديلٌ .. يُناديني

شَفِيفٌ فاغِمُ

ما زالَ في خُيُوطهِ

منكِ عبيرٌ هائمُ

وتلكَ أثوابُ الهوى

مواسمٌ .. مواسمُ

هذا قميصٌ أحمرٌ

كالنار لا يُقاوَمُ

وَثَمَّ ثوبٌ فاقعٌ

وَثَمَّ ثوبٌ قاتِمُ

تُذْكي جحيمي صورةٌ

تلُفُّها البراعِمُ

وأنتِ من ورائها

هُدْبٌ .. ووجهٌ ناعِمُ

ومَبْسِمٌ مُلَمْلمٌ

يَحَارُ فيه الراسِمُ

كأنّما أنتِ هنا ..

طيفٌ .. وصوتٌ ناغِمُ

أنتِ التي في جانبي

أم الإطارُ الواهمُ

***

سمراءُ .. يا سمراءُ .. بي

إليكِ شوقٌ ظالمُ

عُودي ! على ضفائر الغيم

اللقاءُ القادمُ ..

لا تتركيني .. لم يكنْ

لولاكِ هذا العالَمُ ..




إسمُهَا


رقم القصيدة : 68830 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد




هناكَ .. بعضُ أَحْرُفِ

تَصْحَبُني كمُصْحفي

أهذه جُنَيْنَةٌ؟

تُورِقُ تحتَ معطفي

ففي الضُحى .. وفي الدُجى

وفي الأصابيح.. وفي..

ما صَيْحةُ العُصْفُور .. ما

تَنَهُّداتُ المِعْزَفِ ..

يا سَحْبةً من نغَمٍ

تُومِضُ ثم تختفي

يَمُرُّ ، نَيْسَاناً ، على

شوقي .. على تَلَهُّفي

ويلتوي سِلْكَ حريرٍ

بارعَ التعطُّفِ

ينقلني من رَفْرفٍ

مُخْضَوْضِرٍ .. لرَفْرفِ ..

أنا الذي يعومُ في

جُرْح هوىً لم يَنْشَفِ

***

إسمُكِ .. لا .. عَفْوَكِ

أنتِ فوقَ أن تُعرَّفي ..




إلى ممثّلة فاشلة


رقم القصيدة : 68740 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد




1

في طَبْعكِ التمثيلْ

في طَبْعكِ التمثيلْ

ثيابُكِ الغريبةُ الصارخةُ الألوانْ..

وصوتُكِ المُفْرِطُ في الحنانْ..

وشَعْرُكِ الضائعُ في الزمان والمكانْ..

والحَلَقُ المغامرُ الطويلْ

جميعُها .. جميعُها..

من عُدَّةِ التمثيلْ..

2

سيّدتي:

إيّاكِ أن تستعملي قصائدي

في غَرَض التجميلْ

فإنَّني أكرهُ كلَّ امرأةٍ

تستعملُ الرجالَ للتجميلْ

لستُ أنا .. لستُ أنا..

الشخص الذي تُعلِّقينَ في الخِزَانَهْ

ولا طُموحي أن أُسمَّى شاعرَ السُلْطَانَهْ

أو أن أكونَ قِطَّةً تُرْكيةً

تنامُ طولَ الليل تحت شَعْركِ الطويلْ

فالدورُ مستحيلْ

لأنَّني أرفضُ كلَّ امْرَأةٍ..

تُحِبُّني .. في غَرَض التجميلْ..

3

لا تسْحَبيني من يدي..

إلى مشاويركِ مثلَ الحَمَل الوديعْ.

لا تحسبيني عاشقاً من جُمْلة العُشَّاق في القطيعْ.

ما عدتُ أستطيعُ أن أحتملَ الإذلالَ يا سيِّدتي،

والريحَ .. والصقيعْ..

ما عدتُ أستطيعْ..

نصيحتي إليكِ .. أن لا تَصْبغي الشفاهَ من دمائي

نصيحتي إليكِ .. أن لا تقفزي من فوق كبريائي

نصيحتي إليكِ .. أن لا تعرضي

رسائلي التي كتبتُها إليكِ كالإمَاءِ..

فإنَّني آخرُ مَنْ يُعْرَضَ كالخيول في مجالس النساءِ..

4

نصيحةٌ برئيةٌ إليكِ .. يا عزيزتي

لا تحسبيني وَصْلَةً شِعْريّةً أكونُ فيها نَجْمَ حَفْلاتِكْ.

أو تحسبيني بطلاً من وَرَقِ يموتُ في إحدى رواياتِكْ

أو تُشْعليني شَمْعةً لتضْمَني نجاحَ سَهْراتِكْ..

أو تلبسيني معطفاً لتعرفي رأيَ صديقاتِكْ..

أو تجعليني عادةً يوميَّةً من بين عاداتِكْ..

5

نصيحةٌ أخيرةٌ إليكِ .. يا عزيزتي

لا تسْتَغِلّي الشِعْرَ حتى تُشْبِعي إحدى هواياتِكْ

فلنْ أكونَ راقصاَ مُحْترفاً...

يسعى إلى إرضاء نَزْواتِكْ

وها أنا أقدِّمُ استقالتي

من كُلِ جنَّاتِكْ...




طائِشة الضَفائِر


رقم القصيدة : 68839 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد




تقولينَ : الهوى شيءٌ جميلٌ

ألم تقرأْ قديماً شِعْرَ قَيْسِ؟

أحَسَّ به المساءُ .. ولم تُحِسِّي

أطائشةَ الضَفَائر .. غادريني

لقد أخطأتِ ، حين ظنَنْتِ أني

أبيعُ رجولتي .. وأُضيعُ رأسي

وأعنفُ من لظى شفتيكِ بأسي ..

***

تعيشُ بمخدعي أشباحَ بُؤسِ

وصُورتَكِ المعلَّقةَ احمليها

لقد طرَّزتُ دربَكِ ياسميناً

حملتُ لكِ النجومَ على يميني

وصُغْتُ لكِ الصباحَ عُرْسِ

أتافهةَ الوصالَ .. إليَّ رُدِّي

عويلَ زوابعي .. وجحيمَ حِسِّي

فجفَّتْ ريشتي .. وانبحَّ هَمْسي

أعيديني إلى أصلي جميلاً

حملتُ لكِ النجومَ على يميني

وصُغْتُ لكِ الصباحَ عُرْسِ

***

أتافهةَ الوصالَ .. إليَّ رُدِّي

عويلَ زوابعي .. وجحيمَ حِسِّي

لقد شَوَّهتِ أيَّامي وعمري

فجفَّتْ ريشتي .. وانبحَّ هَمْسي

أعيديني إلى أصلي جميلاً

فمهما كنتِ .. أجملُ منكِ نَفْسي




































































































































































































































































































































































































































































































ISIS © 2008 Por *Templates para Você*